الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

مراجعة لرواية الجزيرة تحت البحر| للكاتب : عبد الملك الميموني @mlek26 ‎






 
 
تخيل معي لو كنا في عالم آخر غير هذا الذي ولدنا فيه عالم يكون فيه البقاء للأقوى ، مثلنا مثل الحيوانات نصبح وحوش على من هم أقل منا قوة او حيلة ،
  حسنا تخيل لو كنت في عامك الثامن وتعيش بين عائلتك اللطيفة في قريتكم الصغيرة على أطراف الغابة بأفريقيا ،
 يرعاك والداك و تلعب بين إخوتك وأخواتك بكل أمان و فرح و سرور ، وهكذا تعيش حياتك على أمل ان تكبر وتحقق احلامك ، تستيقظ فجأة في اليوم التالي على صراخ والدتك بعد مقتل والدك من قبل الصيادين البيض الذين باغتوا قريتكم فجأة و عاثوا فيها الفساد ،
 ثم ينطفأ صراخ والدتك بتلك الرصاصة الطائشة التي أطلقها صياد اخر ، تقف مذهولا من المنظر ،
خسارتين في وقت واحد ،
تقف مذهولاً من منظر الدماء التي لطخت الأرض ، ثم تأتي الخسارة الثالثة حين يهرب من تبقى من إخوتك الى الغابة ويخلفونك ورائهم ، تبلل ملابسك من هول الموقف ،
 يلتفت إليك احد الصيادين وهو يضحك ملء شدقيه ليلتقفك من قدمك و يكبلك كما تكبل البهيمة ، ويربط رقبتك بسلاسل يجرك بها ، تتوقف ..
تحاول التمرد ليباغتك سوط يقطع جلدك ، فتسرع بالخطى وتسبق الصياد حتى لا تجلد مرة أخرى ، تنقلب حياتك رأسا على عقب ، تصبح جحيما لا يطاق ،
يجرونك أياماً من منطقة لأخرى حتى تصل لمرفأ يتجمع فيه احقر الناس في العالم ، قراصنة و تجار نخاسة ، يلقونك في قفص صغير حيث هناك بعض الأطفال المكبلين مثلك ،
ومن هنا ستفهم انك لم تعد بهيمة ، بل أصبحت سلعة تباع وتشترى ، تبكي وتصرخ وتحاول الاستنجاد ، ليسكتك لذعة من ذلك السوط اللعين .
تنام تلك الليلة  لتحلم بالعودة لبيتك وأهلك وحياتك السابقة ولكنك تستيقظ في الصباح على ذلك الواقع المر ، يأتي احد التجار البيض وبكرشه الكبير ويشتريكم ويجهزكم للنقل على احد السفن ، و تبدأ رحلتكم البحرية الأولى ، لا مفر من العبودية على ظهر تلك السفينة الا بإلقاء نفسك بالبحر لتلتقفك أسماك القرش ،
 الإنتحار هو الحل الأمثل والأسهل للخلاص من هذا الجحيم ، ولكن هل تملك الشجاعة الكافية للتخلي عن حياتك ؟
وبعد سفر مليء بالأهوال والأمراض والقيء والاسهال والروائح الفظيعة تصلون أخيرا لوجهتكم ،
إلى سوق النخاسة في ذلك الشاطيء المجهول ، يجهزكم عبيد اخرون و ينظفونكم حتى يشتريكم سادة جدد ، و هنا تبدأ المزايدة في السوق ، وعليه يعتمد حظك ، فربما تشتريك سيدة عجوز لطيفة ، أو ربما يشتريك مزارع لتساعده في زراعة أراضيه ،
 أو تشتريك تلك السيدة المتغطرسة التي تغطي وجهها بمروحة صغيرة و تجعلك خادما وضيعا في قصرها ،
والأسوأ من ذلك حين يشتريك خلاسي ويهدف لاستنفاد ما تبقى من روحك إما بالعمل الشاق في مزارع القطن والقصب أو يجعلك تبيع جسدك ويحصل على أرباحك ، وهكذا ، فالحظ هو المسيطر .
هل سألت نفسك يوما ،
مالذي ستفعله لو سلبت منك حريتك و أصبحت عبدا وحياتك كلها بيد مالكك وسيدك ؟؟
 
تأخذنا الساحرة ايزابيل الى ذلك العالم المؤلم لتجعلنا نشاهده من عين تلك الفتاة الافريقية الصغيرة زاريتيه ، التي عانت ذل العبودية وهوانها ، وعاشت تجارب مؤلمة في جميع فترات حياتها ، ومع ذلك لم تستسلم بل كافحت ، فقط لتعيش .
رواية في غاية الروعة لا تستطيع تركها للحظة من شدة الأحداث المتوالية والغير متوقعة ،
 لا تريد الوصول الى النهاية ،
كل ما تفكر فيه هو ، مالذي سيحدث لك يا زاريتيه ، أريد ان اعرف المزيد و المزيد .
ترجمها لنا ذلك المبدع صالح علماني الذي جعل عالم الرواية اللاتينية الساحر في متناول أيدينا ، وأتاح لنا الفرصة كي نقرأ لتلك الساحرة ايزابيل الليندي .
 
 
 
 
بقلم  :
 
عبد الملك الميموني
  @mlek26
 

 


هناك 5 تعليقات: