تحدي الصيف | التدوينة التاسعة: رواية بجعات برية بقلم الصديقة @3aber98

بجعات برية : ليست مجرد قصة عادية بل نسيج محاك من الوجع والعذابات والألم .. ثلاث قصص لثلاث نساء من ثلاث اجيال : الجدة والأم والحفيدة .

حيث تتركنا الرواية لنتعرف على الصين وشعبها عن قرب وتحكي تراث وتاريخ أُمة ومعاناتها للبحث عن السلام  والحياة الكريمة .

في البداية تحكي الحفيدة (المؤلفة ) حكاية جدتها في أيام الإقطاعيين والجواري ، في زمن  كانت تربط فيه أقدام الفتيات حتى يتوقف نموها لأن الرجل يفضل الأقدام الصغيرة ! حيث تكتمل معاناتها حين اصبحت جارية لأحد جنرالات الحرب ثم يموت ويتركها هي وابنتها ثم يبتسم لها الحظ فتتزوج برجل مخلص .

 ثم تتوالى الأحداث فتصبح أبنتها هي بطلة الرواية  إذ نشأت في ظل الاحتلال الياباني وقوات الكومنتانغ ثم انضمت الى صفوف الشيوعيين وهي في الخامسة عشر وقد امنت بالحزب ووهبت نفسها للثورة الشيوعية ..

ثم تسترسل الاحداث فتصبح الحفيدة هي البطلة فتتحدث عن حياتها ونشأتها في بيت يقوم على اخلاقيات وتعاليم الشيوعية ,,

كمية من الظلم واستبداد وتسلط اجتاحت بها الشيوعية الصين وأخذت تجوب أرجاءها أذ احكم الرئيس ماو سلطته على الجميع واعتقل الألوف بحجج واهية وعرض عوائلهم للمخاطر وأرسل الكثيرون الى أطراف الجبال ليمارسوا الأعمال الشاقة .

أخيراً تحكي الكاتبة معاناتها هي وعائلتها خلال سنوات الثورة الثقافية التي دعا اليها ماو , اسس ماو جيل كامل يدين له بالقدسية والطاعة التامة ونادى بالثورة الثقافية ودعا الى سحق القديمات الأربع: (الأفكار القديمة و الثقافة القديمة والأعراف القديمة و العادات القديمة ) وشكل الملايين من الطلبة جماعات الحرس الأحمر وأرسلوا ألى المنازل وحرقوا الكتب وكسروا اللوحات الفنية وضرب الكثير من الفنانين والمعلمين بقسوة في الشوارع ودُمر كل ما هو قديم وضاع تراث الأرض .. اُعتقل والداها ونفيت هي واخوتها ليصبحوا "فلاحين" .

                                               ...

تأثرت بشدة لأن شعب الصين الذي ناضل وقدم التضحية لأجل الشيوعية خذلته في النهاية .. فالكثير من الشباب الذين حاربوا وناضلوا من أجل صين جديدة ادينوا في نهاية المطاف بمعاداة الحزب الشيوعي او موالاة الرأسمالية وبعضهم عذبوا حتى الموت ..             

اتضح لي أخيرً بعد قراءة الرواية بأن الشيوعية تعني سجن كبير يسجن فيه كل الشعب حيث تحكم الدولة كل تفاصيل حياة الناس ، أصناف الطعام والملابس والسكن وكل التفاصيل الدقيقة !

عموماً الكتاب بشكل عام مثري ورائع تجبرك صفحاته  التي تقارب الستمائة على متابعة قراءتها , انصح كل قارئ يحب السير الروائية الشيقة بأن لا يتردد في اقتناء نسخة من بجعات برية .

بعض الاقتباسات المنتقاة من الكتاب :

 " كانت قصة ام جدتي كقصة ملايين من النساء الصينيات في زمنها , هي تنحدر من عائلة دباغيين تدعى وو ,ولأن عائلتها لم تكن مثقفة ولم يكن لديها أي مركز رسمي ولانها كانت فتاة ، فانها لم تمنح اسماً بالمرة .. كانت تُسمى ببساطة ( الفتاة رقم 2 ) (اير – يا – تو ) ."

"ففي اوائل الخمسينات , كان على الشيوعي ان يهب نفسه بالكامل للثورة والشعب ,بحيث ان أي مظهرمن مظاهر الحب لاطفاله , كان ينظر اليه باستهجان على انه دليل ولاءات موزعة , كانت كل ساعة باستثناء وقت الاكل والنوم ’ مللك للثورة ويجب قضاؤها في العمل , وكل ماكان يعد انه لا يمت بصلة الى الثورة مثل حمل الاطفال وضمهم يتعين منه باسرع وقت "

"كطفلة كانت فكرتي عن الغرب انه مستنقع من الفقر والبؤس , على غرار (فتاة الثقاب الصغيرة ) المشردة في حكاية هانز كريستيان اندرسن , وحين كنت ارفض في دار الحضانة الداخلية ان انهي طعامي طانت المعلمة تقول (فكري في الاطفال الجياع في العالم الرأسمالي) "

"كان احد الشعارات الشعبية للحرس الاحمر يقول : (نستطيع ان نصل الى السماء ونشق الارض لأن قائدنا العظيم الرئيس ماو هو قائدنا الاعلى )"

" في الحملة الصغرى المُسماة (وطننا الاشتراكي جنة ) كان كثيرون  يُلمحون الى السؤال الذي طرحته على نفسي , اول مرة قبل ثماني سنوات ! : (اذا كانت هذه الجنة , فما هو الجحيم ؟)"

"وفيما كنت ابتعد عن الصين ,نظرت من النافذة , ورأيت كوناً عظيماً وراء جناح الطائرة الفضي , القيت نظرة اخرى الى حياتي الماضية ثم التفت نحو المستقبل . كنت في شوق الى معانقة العالم ".

انتهى .

مشاركة الصديقة:

عبير

@3aber98