الأحد، 23 يونيو 2013

تحدي الصيف | التدوينة الثانية: رواية حينما كان للشوارع أسماء بقلم الصديقة @AbeerH2

" رحلة إلى ما خلف الجدار الحاجز "


لطالما ما روت جدة "حياة" لها حكايا التهجير، الهدم والترحال ، كانت تصوغها بفخر وتتحدث عن أبطال خلدتهم ذاكرتها ، رأتهم وشاركتهم كل اللحظات ، مع أن العالم كان يراهم مجرد أرقام لمشردين ، لقتلى ، و جرحى يدسها في إحصائياته ونشرات أخباره الباردة.

كانت تغفو الجدة ودموعها على وجنتيها ، أما "حياة " فكانت تحفر طريق العودة ، حكايا البيت الواسع الفاخر ، ومزرعة الأب والجد الشاسعة المعطائة ، كانت تصوغ أحلامها كل ليلة وتردد بأن الحرية حق لكل انسان ، لكنها لم تقدم على أية خطوة حتى سقطت جدتها مغشيًا عليها وظنت " حياة " أن الجدة ستلحق بالأرض والزيتون ، لتقرر حينها "حياة " بأن الرحلة إلى ما خلف الجدار الفاصل قد تحولت إلى قسم قطعته على نفسها بأن تحضر لجدتها تراب من أرضها ، محققة لها أمنيتها بأن تشتم تراب أرض بيتها قبل أن تغادر هذا العالم.

(حينما كان للشوارع أسماء ) رواية للكاتبة رندة عبد الفتاح المولودة في أستراليا لأبوين أحدهما مصري والآخر فلسطيني ، و مقيمة في سيدني ممارسة لعملها كـ محامية .  وقد سبق للمؤلفة أن خاضت مجال التأليف في كتابين هما (هل تبدو رأسي كبيرة في هذا؟ ) في عام  2005 و (عشرة أشياء أكرهها في نفسي ) في عام 2009وقد حازت الكاتبة رندة على جائزة إنكيز الذهبية ، وهي جائزة أفضل كتاب للنشء في أستراليا.

الرواية أصدرت عام 2010 عن دار بلومزيري قطر (BLOOMSBURY QATAR FOUNDATION PUBLISHING ) وتقع نسختها الورقية في 256 صفحة ، وقد اختيرت هذه الرواية ككتاب مميز من قبل مجلس كتب الأطفال الأسترالي ، كما رشحت للفوز بجائزة مهرجان أدلايد للأدب.

تتجسد الرواية في بطلين صديقين هما " حياة " و " سامي" طفلين في الثالثة عشر من العمر واجه كلُ منهما كارثة نفسية كانت السبب الرئيسي لصقل شخصيتهما ، فمن موت صديقة حياة المقربة أمام عينها إلى سجن والد سامي في سجون الإحتلال ردحًا من الزمن تنبع روح القوة والمغامرة منهما. 

صورت الكاتبة في الرواية جزءً كبيرًا من المعاناة الفلسطينية بمختلف جوانبها ، من تشريد وفقر و قلة حيلة فحظر التجوال وصعوبة ممارسة الحياة ، فالعائلة تحاول بعد كل المآسي أن تنهض لتعيش ، فحياة ترتاد المدرسة و أختها تجهز لحفل زفافها و سامي يحلم بأن يسافر إلى ايطاليا ليحترف كرة القدم تحقيقًا لأمنيته.

تعد الرواية قليلة الأحداث إذا ما نظرنا لها كرواية ،مما أدى إلى أن يطغى الجانب الوصفي عليها ، فالكاتبة لجأت إلى وصف المشاعر أكثر من تركيب الأحداث ، واعتمدت على ثلاثة أحداث رئيسية تقريبًا ، ومع أن الكاتبة نقلت لنا الصورة بحرفية لكأنك في ضيافة أهل بيت فلسطيني تسمع أحاديثهم بأذنيك وترى مشاعرهم بعنيك وقلبك  إلا أن بعض الوصوف كانت زائدة عن الحاجة.

أسلوب الروائية سهل وبسيط و ذلك يعود لسببين : أولاً:أن الرواية موجهة لفئة عمرية صغيرة وهي النشء ، لذا لم يكن هناك أي حاجة إلى تكلف أدبي عميق ، كما أن أبطال الرواية ما زالوا في الثالثة عشر من العمر لذا فما زال عنفوان الصغار والأمل ينشأ في قلوبهم ثانيًا : أن الرواية هي نقل للحالة النفسية لعائلة من ملايين العوائل الفلسطينية المشردة ، وليست تجسيد تاريخيًا لمرحلة معينة ، أو بطولات محضية.

فكرة الرواية فريدة وقد تكون مستنكرة للبعض ، أنى لأطفال في مثل هذا العمر أن يجازفوا بمحاولة دخول القدس بلا أوراق رسمية و بلا مرافقة من  بالغين ، لكن التفسير المنطقي لهذا الأمر أن حب الأرض وحب الجدة الذي تنفسته حياة منذ الصغر ، وروح سامي وحبه للتحدي هما الدافع الرئيسي وراء هذه المغامرة ، بالإضافة إلى الشجاعة التي لطالما عُرفت عن شعب فلسطين . إضافة بعض الكلمات بلهجة الشخصيات العامية أعطاها جزءً كبيرُا من الواقعية وحسًا فريدًا .

الرواية لم تحظى بشهرة عربية كبيرة لكنها من الروايات المميزة من وجهة نظري، فهي من النوع الذي لا تود أن تفلته بعدما قرأته ، وفي نفس اللحظة تحزن إذا ما أنهيتها لأنك ستفقد المتعة ، تستطيع أن تندمج في الأحداث ولو كانت قرأتها الكترونية .

 وأخيرًا أظن بأن التقييم المناسب لها هو 5/4

وفي ما يلي اقتباسات نصية من الرواية :


مشاركة الصديقة:
عبير حماد @AbeerH2


هناك تعليق واحد: