أمّيٌ يقرأ ؟!
إن الجمع بين
النقيضين مستحيل
فالليل والنهار
والأبيض والأسود لا يجتمعان
ولكن .. اجتمع
ذلك في أميّ يقرأ !!
يقول الله
تعالى { وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ
الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }
فهؤلاء
الأميون هم إحدى ثلاث:
إما أنهم:لا
يعلمون من الكتاب إلا قراءة ألفاظ دون إدراك معانيها
أو أنهم:
يعلمون ما يقرؤون, ولكن لا يعملون بما يعلمون
وإما أنهم لا
يعلمون القراءة حقاً,لكن يتمنون أماني باطلة فيخوضون في مسائل العلم بالجهل
فيركبون في بحر
مظلم وهم لا يعرفون قيادة المركبة فإذا بالأمواج تتلاطم بهم في محيط الجهل
إذاً .. فالعلم على أربعة أقسام:
1-
علم ينتفع به,
وهذا الذي يقرأ ويستزاد به [وقل ربي زدني علما]
2-
علم نافع في
نفسه لكن صاحبه لم ينتفع به, وهؤلاء [كمثل الحمار يحمل
أسفاراً].
3-
علم لا ينفع ولا
يضر[ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم
غافلون].
4-
علم لا ينفع
ويضر [ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم]
وللأسف أننا
ابتلينا بالثالث والرابع, فتعلم الناس القراءة والكتابة وما زالوا جُهالاً لا يقرؤون,
وإن قرؤوا قرؤوا
ما لا ينفعهم من روايات تافهة وكتب فلسفة ضارة وصحف تبث السموم
وهذا مصداق ما
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن من
أشراط الساعة أن يُرفع العلم ، ويكثر الجهل) وفي المسند قال (وظهور القلم)
وكان هذا
الحديث سبب إشكالا عند بعض العلماء إذ كيف يجتمع رفع العلم وكثرت الجهل مع ظهور
القلم !
إلا أن ما
نعيشه اليوم هو مصداق لنبوته صلى الله عليه وسلم, فانتشر القلم ولم نعد نرى من لا
يعرف الكتابة إلا نُدرة, ومع هذا فإن الجهل قد شاع بالأقلام من خلال الصحف, فكم من
جاهل يمسك قلماً ويكتب مقالا في الصحف اليومية
وتجد
أثر العلم الذي لا ينفع ظاهر عليهم :
من الزهو
والفخر والخيلاء, وطلب العلو والرفعة في الدنيا والمنافسة فيها وليقال عالم, وقد
أخرج مسلم في صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن أول مَن تسعر به النار ثلاثة, أحدهم من قرأ القرآن وتعلم
العلم ليقال هو قارئ وهو عالم).
ومن أثار العلم
الضار أيضا أن يطلب به مباهاة العلماء ومماراة السفهاء وصرف وجوه الناس إليه كما
يحدث اليوم في من بعض الكُتاب المُتعالمين, وقد جاء في عند ابن ماجه وغيره أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من طلب العلم ليُماري
به السفهاء أو ليُباهي به العلماء أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار)
فتبين مما مضى
أن القراءة
وسيلة وليست غاية
والغاية هي
تحصيل العلم النافع والعمل به كعلوم الشريعة والطب والهندسة وغيرها كثير
أما العلوم
التي لا تنفع فالقراءة فيها مضيعة للوقت وتجعلك أميّ يقرأ !!
وفي مراسيل أبي
داود عن زيد بن أسلم قال:
قيل: يا رسول
الله ما أعلم فلاناً! قال: ( بمَ؟ )
قالوا: بأنساب
الناس
قال: (علم لا ينفع وجهالة لا تضر).
وقد جاء في
صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو
ويقول ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع)
وعند النسائي (اللهم إني أسألك علما نافعا وأعوذ بك من علم لا ينفع)
ويُروى عند ابن
ماجه بإسناد فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(سلوا الله علما نافعا, وتعوذ بالله من علم لا ينفع)
أنس
المزروع
@anas455
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق