الأحد، 9 سبتمبر 2012

إضاءات حول مؤلفات المنفلوطي للصديقة @R7SGH

(حَياةُ الإنْسانِ في هذا العَالم حياةٌ ضِمنية مُدّخلة في حياةِ الآخرين , فلو فتَّشَ عَنها لا يجد أثراً إلاَّ في عيُونِ النّاظرين , وآذانِ السَّامِعين , وأفْواهِ المُتكلّمين ) – المنفلوطي ..
.. 
مصطفى لطفي المنفلوطي .. التعريف البسيط لأن تَكتبَ عن شخصيّة فذّة هو أن تُسجِّلَ سيرةً ذاتيّة تعبّر عنه ..
فما أن تَدخل مَدينة (منفلوط) في صعيدِ مصر حتى تنتفض (النَّظرات والعبرات) في ذَاكرتك ؛ ويقول لك الأدب العربي الحديث هنا وُلِد المنفلوطي من أم تركيّة وأب مصري ..!

- المنفلوطي .. من الأدباء الذين يُثرُون الأدب بطريقتهم الإنشائية البسيطة كأسلوبه المتّسق وَ المُنسجِم مُخاطِباً كل الأفكَار وَالاتجاهات ؛ ثائِراً , وَطنيّاً غيوراً على وطنه ..

- أخبَرنا أنَّ ( أكثَرَ النَاس يَعِيشُون في نُفوس الناس أكثر مما يعيشون في نُفوسِ  أنْفُسِهمْ ) وبذلك رسَّخَ الصورة التي -ربما- أرادنا أن نراها فيه ..

-عاشَ –المنفلوطي- بسيطاً ,اجتماعيّاً , خَالقَ الفُقراءِ قبل الأغنياء بِحُسْنِ الخُلق ..
- وقدَّم معروفاً لمن أراد أن يسلك مسلكه في الكتابة .. فقال :( خيرٌ لهُم ألاَ يفعلوا فإنِّي لا أُحِب لهُم ولا لأحّدٍ من الشّادين في الأدبِ أنْ يكُونوا مُقيدينَ في الكتابةِ بطرِيقتِي أوْ طريقةِ أحدٍ من الكُتّاب ..)

..

1-   النَّظَراتْ

- أو كما أسميها (التوائِمُ الثلاث) ..
حيثُ فيها خُلاصة ما نشره وما كَتَبه من النّقد, والاجتماعِ والقصص والوصف التي جاءت حافِلة بـ/العبارةِ السّهلة والقلمِ الرائع , والمُحسِّن البديعي والبيان العذب ..

- ومن النظرات / سأحاول أن أختار أبرزَ المواضيع وأقتبس من سجل نظراته الثلاث .. فيما يلي :-

1 هنا جسَّدَ الوصِال بين ما كنّا نفكر فيه ليلة الأمسِ وما نكتُبه اليوم وشبَّح (من شَبح) لنا {الغَـدِ} المَبْتُورِ أوله وآخِره في: (عَرفْتُ أنِّي لَبِسْتُ أثوابي في الصّباح , وأني لا أزال ألْبِسها حتى الآن , لكنَني لا أعْلم هل أخْلعُها "بيدي" أو تخْلَعُها يَدُ الغَسَّال ؟؟)
 ( أيُّها الغد : إنَّ لنا آمالاً كباراً وَ صغاراً , وأمانِي حِساناً وغيرُ حِسان , فحدِّثنا عن آمَالِنا أينَ مكانِها منك وَ خبِّرنا عن أمانِينا ماذا صَنعتَ بها أَأَذلَلْتَها واحْتَقَرتَها , ام كُنتَ لها من المُكرمين ؟)

2 و خلّص الإنسان من عبُوديتهِ فأخبرهُ أنه حُرَّاً وحُرّ في {الحُريّة} بـ( صَنعَ الإنسانُ القَويّ للإنْسانِ الضَّعِيف سلاسِل وأغْلالاً , وَ سمَّاها تارةً "نامُوساً" وأخرى"قَانُوناً" لِيَظْلِمُه باسْمِ العَدل  ويسلِبُ منه جَوهَرةَ حُرِّيته باسمِ النّاموس والنِّظَام !! )
( إنَّ الإنْسانَ الذِي يَمُدّ يدهُ لطَلبِ الحُريَّة ليسَ بِمُتَسوِّل ولا مُستَجْدٍ وإنما هو يَطلُبُ حَقّاً مِنْ حُقوقِهِ التي سلبَتْهُ إياها المَطامِعُ البشَريّة , فإنْ ظَفَرَ بها فلا مِنَّة لمَخْلُوقٍ عليه , ولا يدٍ لأحَدٍ عنده )

3 { لا هَمَجِيَّة في الإسْلام } كتبها في مناسبة ما أُشيع من هياج المُسلمين على المسيحيين في ولاية "أطنه" من ولايات الدولة العثمانية وقتلهم إياهم وتمثيلهم بهم عام 1909
فخطب قائلاً ( أيُّها المُسلمون:  إلا ليموتوا ذبحــا بالسيوف وقطعا بالرماح ، وحرقا بالنيران ، فقد أسأتم بربكم ظنا ، وأنكرتم عليه حكمته في أفعاله وتدبيره في شؤونه وأعماله ، وأنزلتموه منزلة العابث اللاعب الذي يبني البناء ليهدمه ويزرع الزرع ليحرقه ، ويخيط الثوب ليمزقه ، وينظم العقد ليبدده )
( أيها المُسلمون : اقتلوا المسيحيين ماشئتم وشاءت لكم شراستكم ووحشيتكم , ولكن حذار أن تذكروا اسم الله على هذه الذبائح البشريّة فالله سبحانه وتعالى أجل من أن يأمرُ بقتْلِ الأبرياء أو يرضى باستعطاف الضعفاء فهو أحكم الحاكمين , وأرحم الراحمين )

4أيها المحزون....يعني أديبنا الكبير كثيرا بأحزان البشر ويتألم لآلامهم، فيخاطب المهموم قائلا: إن كنت تعلم أنك أخذت على الدهر عهدا أن يكون لك ما تريد في جميع شئونك وأطوارك..وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب وتشتهي، فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عنانها كلما فاتك مأرب أو استعصى عليك مطلب.  قائلا في كلمات حكيمة: لولا السرور في ساعة الميلاد ما كان البكاء في ساعة الموت
# ومن البيان أيضاً :
ماكتبه عن :
1{أبو الشمقمق} : الأديبُ الفقِير ..!
 2 دورة الفلك : في سقوطِ ملك تركيا (السلطان عبد الحميد ) ..!
3 العلماء والجهلاء – الرجل والمرأة .. وغيرها الكثير .


2-   العَبَراتْ .
 كما سَطَّرَ العبرات في مَجمُوعَةِ رواياتٍ قَصِيرةٍ .. وأَهْدَاها :
(الأشْقِياء فِي الدُّنيا كَثير , وَ ليس في استِطاعةِ  بائِسٍ مِثلِي أنْ يَمْحُو شَيئَاً من بُؤسهم و شقائهم , فلا أَقلَّ من أنْ أَسْكُبَ بيْنَ أَيدِيهُمْ هّذِهِ العبَراتْ , علَّهُم يجِدُون في بُكائِي عَلَيهِم "تَعْزِيَةً" وَ "سَلْوَى" ..! )

- غَرُبَتْ شَمسُ  المَنفلُوطِي في يومِ مُحاولةِ اغْتِيال سعد زغلول فانشَغل النَّاس بالحادِث , فَرثَـــاه (أحمد شوقي) لوفاته ولتواضع الجَنازة !
لكنَّ اسمهُ يَظلُّ نجماً لامِعاً في سماء الأَدب وبرّاقاً في جبينه , وتبْقى كلماتهُ تنْضَّحُ بِرِقَّةِ المَعانِي وَ دِقَّة اللُّغَة .

 مشاركة الصديقة رحاب
@R7SGH
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق